كتاب ومقالات

المقابلة كأداة بحثية

بقلم / حازم مطر

تعتبر المقابلة استبياناً شفوياً، حيث يقوم الباحث بإجراء مقابلة شخصية لمن يريد الحصول منهم على معلومات تتعلق بموضوع بحثه، حيث يوجه إليهم مباشرة الأسئلة أو الاستفسارات التي يراها أكثر تحقيقاً للغرض من المقابلة.

 وتفيد المقابلة الشخصية كمصدر للمعلومات في كثير من العلوم لاسيما العلوم السياسية والاجتماعية وكذلك القانونية, وإذا قام بالمقابلة شخص ماهر، فإن المقابلة تصبح أفضل من طرق جمع البيانات الأخرى, وأحد الأسباب لذلك أن الناس تفضل أن تتحدث عادةً أكثر من رغبتها في الكتابة, وبعد أن يقيم القائم بالمقابلة علاقة طيبة مع المستجوب، من الممكن أن يحصل على أنواع معينة من المعلومات ذات الطبيعة السرية التي سيتردد المستجوب في الإدلاء بها كتابةً.

        وعلى غرار الاستبيان قد تكون المقابلة مقيدة، حينما تكون الأسئلة التي سيوجهها الباحث لمن يقابله واضحة ومحددة، وهي الأكثر فعالية، حيث يكون لدى الباحث الوقت لاختيار الأسئلة التي تنصب مباشرة على الجوانب الجوهرية في بحثه, كما قد تكون المقابلة حرة، حينما لا تعد الأسئلة مسبقاً، ويترك الباحث نوع الأسئلة وعددها لظروف المقابلة والوقت المتاح, وهي أكثر ملائمة إذ قد يملي الموقف على الباحث توجيه أسئلة لم يكن ذهنه قد فطن إليها من قبل، كما قد تكون أمامه فرصة لتعديل وتحوير صيغة الأسئلة بما يتناسب مع شخصية من يقابله وظروفه.

        وسواءً أكانت المقابلة مقيدة أو حرة، فإنه لكي تؤتي ثمارها وتفيد في تحصيل البيانات والمعلومات المرغوبة، لا بد أن يكون الباحث على قدر كبير من اللباقة والذكاء والحضور الاجتماعي، قادراً على خلق جو ودي، حتى يوفر الاطمئنان والثقة لمن يقابله، ويحصل على ما لديه من معلومات مفيدة للبحث.

        كما يلزم الباحث أن يختار الزمان والمكان الملائمين لإجراء المقابلة، وأن يمهد للمقابلة بإدارة حديث ودي قصير خارج موضوع المقابلة، ثم يقوم ببيان الهدف من المقابلة وحقيقة المطلوب ممن يقابله، وأن يستأذن من يقابله في تسجيل ردوده قبل بداية الحوار والمناقشة معه، مع التأكيد على احترام سرية ما يدلي به من معلومات وعدم إفشائها، إن كانت طبيعتها تستلزم ذلك، سواءً تم التسجيل كتابةً، أو آليا باستخدام أحد أجهزة التسجيل الصوتي.

ويمكن للمقابلة أن تحقق عدة أهداف:

 1ـ تفسير حدث معين: ويتحقق ذلك عند إجراء المقابلة مع أحد الأشخاص الذين ساهموا في صنع الحدث أو عاصره عن قرب ( كمن يعد بحثاً عن وقائع حرب اكتوبر1973م فيستطيع أن يقابل من اشترك فيها ليطلع منه على ظروفها ومضمونها وما الآثار المترتبة عليها… ).

 2ـ توثيق وثائق معينة: كأن يحصل الباحث على بعض المعلومات ويريد توثيقها أو التأكد من صحتها، فيرجع إلى بعض الأشخاص الذين ساهموا فيها أو عاصروها ( كمن يعد بحثاً عن الآثار السياسية والاجتماعية لثورة 23 يوليو، فيستطيع مقابلة أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بالثورة للتأكد من صحة المعلومات والوثائق التي حصل عليها… ).

 3ـ استشراف المستقبل: ويكون ذلك عند إجراء المقابلة مع أشخاص يهتمون بعلوم المستقبل ولديهم القدرة على استشرافه.

ورغم أهمية المقابلة كأداة لجمع المعلومات في مختلف مجالات البحث العلمي، إلا أنه قد يشوبها بعض العيوب، ومنها:

  أن من تجري معه المقابلة قد يُفاجأ بسؤال، أو بعدة أسئلة لم يكن يفكر بها، وهنا قد يضطر إلى إعطاء إجابات غير دقيقة، كما قد يتعمد إعطاء أجوبة مقتضبة غير منتجة إن شعر أنه في موقف استجواب.

كذلك فإن المقابلة تحتاج إلى جهد كبير، وقد تستغرق وقتاً طويلاً في الوصول إلى هدفها، إن لم يكن الباحث مجيداً لفن المقابلة، ولم تتوفر له مهارة التحاور مع الغير, ومهما يكن من أمر، فإنه سواءً تعلق الأمر باستبيان مكتوب أم باستبيان شفهي، فإنه يجب على الباحث تقدير الإجابات التي يحصل عليها، وتصنيفها وتقييمها، تمهيداً لاعتمادها في تدعيم بحثه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى