كتاب ومقالات

 الدكتور محمد حسن كامل يكتب عن الحب الدافئ تحت جليد الزمن

 الدكتور محمد حسن كامل يكتب عن الحب الدافئ تحت جليد الزمن

كانت قدماه تحاول أن تسبق الزمن 
وكانت عقارب الساعة تأكل ما تبقى من الدقائق القليلة في أخريوم من أيام العام .
العدل الأبيض يبسط سلطانه على البلدة الواقعة في هذا الوادي الضيق بين سلسلة من الجبال البيضاء الشاهقة .
كل خطوة من خطواته تزيح الجليد عن عباءة الذاكرة 
هنا كان اللقاء 
حيث الطفولة والصبا والمرح والفرح 
هناك تحت شجرة السرو العجوز تلك سطرا سويا قصة حبهما 
راح يتفقد هذا القلب الذي رسماه سوياً على جذع تلك الشجرة الطاعنة في السن 
رسما هذا القلب منذ نحو نصف قرن تقريباً قبيل هجرته إلى بلاد العام سام بحثاً عن المال 
ولم يدر هل جلب المال أم غلبه المال ؟
لقد ربح المال وخسر الحب 
ولكنه حاول أو يحاول أن يلتقط أنفاسه الأخيرة من الحب .
عاد ليداعب الذكريات 
هنا على تلك الأريكة كان يلتقي معها 
هنا رسم الحلم معها 
مازال يتذكر أخر كلماته معها :
عام واحد يا حبيبتي , أعود لتحتفل القرية كلها بنا 
عام يجر عام تلو عام حتى فرّ نصف قرن من الزمان 
قهرته بلاد العم سام 
سرقته أضواء الحياة المدنية البراقة 
وإلتهمت عمره وسرقت حبه 
اليوم أنا عائد لك يا حبيبتي .
نعم ستكون مفاجأة 
أروع مفاجأة ولاسيما وقد أقسمت أن لا تتزوج سواه .
وصانت العهد , أما هو ضيع كل المواثيق والعهود , عبر مجلد من الخطابات والرسائل والورود المجففة بين أوراق الكتب الصفراء .
لقد عدت يا حبيبتي 
وهاهي تلك الأريكة التي كان يحتفل معها بمقدم العام الجديد .
هاهو يجمع كرات من الثلج ليداعبها بها 
كتب كل مشاعره في ورقة وضعها في جيبه 
حتى لا ينسى أي كلمة 
كلام كثير قد ينفق ما تبقى من العمر في سرده وحكاياته 
كانت ليلة قارصة شديدة البرودة 
أصر أن يقضيها على تلك الأريكة 
ومضت ساعات الليل تحت عباءة الزمهرير الأبيض 
ووجد أهل القرية الحبيب العائد ميتاً على تلك الأريكة , بينما كانوا مشغولين بمراسم دفن الحبيبة …..هكذا لم يتبقَ منهما إلا قلباً حياً على جذع تلك الشجرة , يتلو رسالة الحب الخالدة في كف الزمن ……!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى